القادم وبهجة الحياة !
-------------
غارقا في وحدته ، عازفاً عن ارتياد الحياة ، متجولاً في نفسه ،
يصيبه بالجنون صوت كلاكسات السيارات ومشاحنات المارة
حتى صوت الباعة الجائلين أسفل نافذته يُربِكه يُخرجه من عالمه
الصامت الذي اعتاده منذ رحلت أمه ولحقها بسنوات والده وبقى
هووزوجته في البيت الفسيح الخاوي من صخب الأبناء ودفقة
الحياة ، بقيا عالقين في الوحدة والحزن حينما أغلق الأطباء في
وجههما باب الإنجاب حتى السعي وراء الحُلم عزِف عنه .
لم يكن يشعره بالحياة سوى قطة عجوز انتقل إليها عدوى
الصمت ، واصيصات وروده وزروعه الذي يعتني بها أيّما
اعتناء .
كان يعمل في وظيفته القريبة من البيت وحين يعود إلى بيته
لايخرج أبدا فلا يلبي دعوة ولا يرد على هاتف ، حتى الهاتف
المحمول لايستخدمه!
حتى يئس منه الجيران وزملاء العمل وانصرفوا إلى حياتهم فلم
يعدوا يهتموا به ولابالسؤال عنه .
كانت هوايته الوحيدة هي سقي وروده والاعتناء بإصيصاته
الخضراء يأتنس بها يحدثها وتحادثه وقطته العجوز التي تتبعه
أينما ذهب وتنام في حضنه لاتعرف هل تأتنس به أم يأتنس هو
بها ؟!
، كانت تسمعه وهو يحادثها ويربت على ظهرها فترد بموائها
وكأنها تقول له نعم أفهمك وأشعر بك .
وبعد سنوات طويلة ، وحينما أذن الله عادت زوجته بالحُلم أخبرته
أنها تحمل طفلهما !
فهرع إلى النافذة ، راح يدق على أبواب جيرانه ، اتصل بزملائه
بالعمل يخبرهم .
الآن أصبح للحياة معنى.
الآن سيفتح النوافذ للشمس والهواء ولصوت الباعة الجائلين!
سيركض وراء أحلامه ، سيكمل رسالة الماجستير التي أهملها
ليتشرف به ابنه حينما يكبر سيقبل بالأعمال الإضافية ليزداد دخله
وسيشتري محمولاً جديدا!
سيتصل بالحياة والأصحاب، سيرد على الهاتف سيلبي كل
الدعوات .
لن يكون وحيداً بعد اليوم.
-----------------------------------------
نشرت في اليوم السابع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق