الخميس، 24 نوفمبر 2011


الرحلة الأخيرة

----------

حتما سنغادر .. بهذه الحتمية التي أكدها فناء الأشياء سنغادر .
الجماد سيغادر.. الزهور الملونة ستغادر.. العصافير التي تطرق على نوافذنا كل صباح لتسعدنا أيضا ستغادر ، ولعبة الحياة ستنتهي حتما وننتهي .
حتما سنرحل .. بذكرياتنا المليئة بالدُمى ، وكراريس المدارس ،بالطباشير الملونة وصخب الضحكات ، بالحب القديم والجرح الغائر وألم الفراق حتما سنرحل . بالقلب المليء بالندبات الذي طالته الأحزان كثيراً والأفراح قليلا .
سنحمل كل الأثقال ونرحل .
أخي مات شابا وهو يستعد للحياة ! صديقتي الجميلة تركت ثلاثة أبناء وراءها ورحلت قبل أن ترقب ابنتها في عرسها! قريبتي الغالية أيضا ماتت وهي في أوج فرحتها بنجاح أبنائها .
قطتي البيضاء ، ووردتي الحمراء وشجرتي الوارفة كلهم سيغادرون حتما سيغادرون .
فبأي شيء ستحتمي وقوارب الإنقاذ قليلة والأمواج عالية ، والبحر الصاخب لايعرف صديقا؟
لن يفُرق الموت وهو يحصد الأرواح بين شيخ وطفل بين مُعّمِر قارب المائة ورضيع لم ير من الحياة شيء بعد !
ليس يأسا ذلك الشعور الذي ينتابني بين وقتٍ وآخر بأن رحلتي قاربت الوصول وأن قطار العمر يمضي حيث رحلته الأخيرة .
إنها الحقيقة وغيرها وهم ، تخيل ، أحلام نغرق بها لنسعد ..لنخفف وقع الحياة الثقيل ، لنلون الأحزان ونُحلي أيامنا .
شعور صادم ربما لكنه الحقيقة كل الحقيقة .
الحكاية بلا نقصان ، بلا إضافة المُقّبلات والمشهيات لنستطعم بها أكلة مُربكة للمعدة اسمها (الحياة).
نُلاطفها فتأبي! ، نُجمِّلها فتمسح عنها الرتوش ، نخضع لها فتقسو !
كل الأرصدة إلى نفاذ ، وكل من كنا نحتمي بهم ، نأتلف معهم ونأتنس بهم رحلوا ..رحلوا ، ولن يبقى سوى نفسك .
 فخفف حمولتك واصعد.

-----------
نشرت في جريدة حديث العالم
http://c4wr.com/blog/?p=6307

الخميس، 17 نوفمبر 2011


اللقاء الحميم!!
----------------

هل يبكى الجماد؟! أُجزم أن نعم .
يبكى حين يفارق أحبابه، ومن عاشروه بالحب والقرب، قطعا يبكى

حين يطاله البرد وتتعاقب عليه المواسم وليس هناك شريك أَحبه

 يسمع صوته ويترقب أنفاسه كل يوم،


 والآن يبحث عنه بلا أمل! وتمر الأيام باردة ولا عودة.

 تقف هناك ساكنة وكأنها تتعبد، تصلى لأجل عودتى! أسمعها تئن

 فأصحو من نومى متألمة وكأنى تركت صغيرى على قارعة

 الطريق، وكأنى وعدت الحبيب بعودة قريبة، وتقطعت بى السُبل

 ولا سبيل لوصولى إليه، أسمعها تنادى أن عودى حبيبتى طالت

 غيبتك عودى لتدب فى الحياة ونستقبل معا الصباح بنسماته،


 عودى لنستمع معا حد البكاء لتباشيرالصباح، لنستمع لصوت الحب

 صوت الله حين تصدح آياته ثم نردد معا :

إن تدخلنى ربى الجنة هذا أقصى ما أتمنى، فنهتز نشوة وفرحة

 واستبشارا.


ما أقساه الفراق حين يفصل بيننا وبين من نحب، وبين من اعتدنا

أن يكونوا ائما في التصاق روحى معنا يصاحبوننا فى كل طريق

بلا شكوى أو زفرة ألم.


ما أقساكِ يا دنيا حين تحيلين بيننا وبينهم،.

 أستعد للقياكِ حبيبتى، باقى من الزمن أيام أحولها إلى ساعات

ليَهون البُعد، وأبدأ العد من جديد، وها أنا فى الانتظار يُفتح باب

 وراءه أبواب لتظهر لى من بعيد، أكاد أرى دموع

 الاشتياق، أكاد أراها تسرع إلىّ، لا أطيق صبرا حتى تنتهى

 الإجراءات الثقيلة ليُفرج عنها، لتكون بين يدي ّ.

هاهي تتهادى كأميرة فى كامل جمالها وحُليها، وكأنها كانت تعلم

 أنى فى انتظارها، لن نفترق بعد الآن، كنت أمهد لكِ الحياة هنا فى

 الوطن، وطننا أنا وأنتِ.

جَلِست وراء المقود أكاد أحتضنه، وأدرت الراديو لينطلق صوت


 نشيدنا المُفضل:
 "إن تُدخلنى ربى الجنة هذا أقصى ما أتمنى يا ذا المنة يارب"،

والأرض تُطوى من تحتنا  تشاركنا فرحة اللقاء.


--------------------
نشرت في اليوم السابع
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=527805