صيانة عاجلة !
------------
أحتفل اليوم بذكرى زواجي ، سبعة عشر عاماً من السعادة والحب
والاحتواء ، والدفء الذي لم يفارقني يوماً رغم صعوبة البدايات
وثقل الحمولات وشقاء المُهمات ، وأسألك بهذه المناسبة : وأنتِ
كيف هي سعادتك ؟
فتصمتين وكأنك تفتشين عن إجابة في أدراج الذكرى ، ثم تردي
متململة تبحثين عن الكلمات: امممم يعنى ، ماشي الحال!
وتمضي بكِ الأيام متشابهة تكاد تتطابق ، فالروتين اليومي هو
نفسه منذ سنوات لم يتغير والمشاعر تكاد تخبو ، وحركة الصدر
الضائق بكل شيء لم تعد سوى شهيق وزفير فقط ، فلاخفقة زائدة
ولاقلق جميل يعيد للقلب صولاته وجولاته في دنيا المشاعر! ،
فشجرة الحب التي زرعتيها بيديكِ وأثمرت واستطالت فروعها باتت
على وشك الذبول تستدر عطف ورثاء كل من يراها أو يتكيء
عليها ، تشير إليك بتهمة الإهمال الجسيم ، وقدك (غصن البان)
أصبح ينافس قد امرأة الستينات من كثرة التلاحمات والتضاريس ،
تتحسرين كلما نظرتي في المرآة مُرددة : (قدُّكَ الميّاس ياعُمري)
فأين ذهب القّد المياس؟!
مائة شأن يتجول برأسك ، ومائة مشكلة ليس لها حل ، وعراك
لاينتهي بينك وبين نفسك ، وبينك وبين زوجك ، وبالطبع لم يسلم
فلذات الأكباد من الانضمام إلى حمولتك الزائدة ، وأنتِ..؟ متى
تعودين إليكِ ، متى تلتقطين الأنفاس؟ متى تتفرغين لبهجتك
وتعيدي الزهر إلى وجنتك الشاحبة ؟ متى تعودين من سفرك
الطويل ليعود معكِ مرح الأمس وبشاشتك التي لم تكن تفارق
وجهك ، وحيويتك التي كان تثير إعجاب كل من حولك أين
ذهبت؟!
متي تدركين أن الوقت بنصله الحاد يقطع كل شيء في طريقه
ويمضي ولاينظر وراءه ليمر العُمر مُسرعا متفلتا من بين يديكِ
لاهثةً وراءه في فلك الحياة الدائر بلاتوقف ؟!
متى ترفعين لافتة " صيانة عاجلة " لاستعادة الرشاقة والجمال
والدفء ومشاعر الأمس الجميلة التي كانت أغلى ماتحلمين ؟
لماذا تقاتلين للفوز بمن أحببتي ولاتقاتلين من أجل الاستمرار في
انجاح مابدأتي بأن تظلي كما أَحب ، امرأة الحُلم ،عشيقة الخيال
وصديقة القلب التي لايأنس إلا إليها ، ولاتفيض أحاديثه إلا في
حضرتها ، ولا يرتاح فؤاده إلا إذا حَط في روضتها . لماذا تركتي
برواز الصورة الجميلة يتحطم لتغادريه إلى الأبد ؟
عزيزتي : روحك ، مملكتك بيتك كل هذا يحتاج منكِ إلى
تجديد حتمي وعاجل قبل أن يستعين زوجك بمن يعرف كيف يعيد
صيانته وإنعاشه وأنت مازلتي في غفلة من العقل والقلب!
---------------------------------
نشرت في مجلة رؤية مصرية