السبت، 18 يونيو 2011


كابوس!!
--------
 من أين تاتي كل هذه البرودة؟
 تلفت حوله فلم يجد سوى الفراغ والصمت .. شيءٌ لم يألفه!

أخذ يحدث نفسه : ماهذا المكان العجيب؟

ماهذا الصمت المريب؟
أين ذهب  صوت النشاذ أسفل بيتنا  المهتريء الجدران ... سِباب

النجار الذي يصرخ على صَبيه الذي لايتعلم أبدا !
 أين أصوات الباعة الجائلين الذين اكتظ بهم الشارع الضيق من

الحارة العتيقة (فوووووووول – بليله ، حمره قوي ياأوطه – لبن

 ياأحمد حليب ياقشطة ) سيمفونية النهار التي كانت تؤنس نهاري

أين .......؟
 
أحاول أن أتذكر، يدور عقلي في كل اتجاه لعلي أجد تفسيرا 

لوجودي في هذا المكان الموحش البارد والذي تكاد فيه أطرافي

أن تتجمد من شدة الصقيع الذي يلف المكان .

نعم أتذكر صوت صاخب أعرفه جيداً هو آخر ماسمعت إنه

صوت أبي..


نعم أعرفه جيداً  فقد  احتل جزءً كبيرا من ذاكرتي فقد كان يصب

علي القسوة صبا وجسدي النحيل الذي كادت أن تتطابق لحمه مع

عظامه لايكاد يخلو من علامة تحمل قسوته !

الأب الروحي ،، الأب الرحيم ،،  كنت أقرأ واسمع هذه التعبيرات

كثيراً هنا وهناك ولكن بيتنا احتله أب يحمل صفة الأب القاسي


الغليظ  فترك آثاره على رُوحي وعافيتي وقلب كانت ترتعد جدرانه

خوفاً من مجرد سماع صوته فألوذ بحضن أمي فقد

كان مخبأي الآمن من غلظة يديه وبطشه فكان يستثيره رؤيتي

متكوما بداخله فيجذبني بقسوة من يدي


تكاد معها عظامي تُخلع من كتفي ليصفعني على وجهي 

صارخا:


ياابن أمك لن تفلح أبداً ، فتطال الصفعة روحي لتحولها

خرابا وهزيمة.


حاول أن يعتدل في جلسته ولكنه لم يستطع فجسده مسجى

بلاحراك ، حتى يديه عندما حاول أن يفلتها من بين هذه الأكوام

من الشاش والأربطة لم يستطع ، تماما  مثلما كانت روحه مُكَبّلةٌ

دائما في بيت أبيه  .


سمع أصوات تصعد الدَرج  وبابٌ يُفتح ومازال في رقدته العجيبة

تلك بلاحراك ، سمع الأصوات تقترب وعدد من الرجال تتحرك في

اتجاهه

هم الآن يقفون عند رأسه ووجه مألوف له يقترب بشده


 عاد إلى نفسه يحدثها : نعم هذا الوجه أعرفه جيداً كم دافعت


عني ، كم تلقفتني في رحمة حضنها تحميني من نشيد الصباح


الهادر وركلات المساء  مدافعة عني عندما يعلو الصوت


الغليظ ويردد النشيد اليومي ثم ينهال ركلاً وصفعاً: لن تفلح


أبداً .. يافاشل

إنه وجه أمي الحبيبة تصرخ وتنادي بإسمي !


ماذا بكِ ياأمي ؟ ماذا أصابك؟! ولم تبكين؟!


لماذا لاأهرع إليها أرتمي في حضنها كما كنت أفعل دائما؟!


لماذا لاأسارع لطمأنتها ؟

هل أنا أحلم ؟


هل أنا في كابوس ولاأستطيع حراكاً؟

  
وأنا في حيرة أسئلتي  فإذا بي محمولاً لأخرج إلى مشهد مهيب ..


نساء متشحات بالسواد وأصوات تردد بلوعٍ بالغ  : أبوه قتله!!


هل هان عليه؟ ياحسرة أمه عليه ، انهال عليه ضربا حتى مات

بيديه !!

 هل تحجر قلبه إلى هذه الدرجة ؟

يتصاعد نحيب أمي وتزداد الصرخات ، والرجال يتحركون


بي ثم يسرعون مُرددين  فى تناغم جميل : "لااله الا الله "


وأنا مازلت أتابط حيرتي متسائلاً عما حدث



وإلى أين يأخذونني ؟!!





-------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق